سيكولوجيا المراهقين بزمن أزمة كورونا
يعتبر المراهقون محور من محاور الحياة لدى العديد من الأسر، التي تسعى جاهدة لتوفير
الرعاية المتكاملة لأطفالها وتقديم أفضل مستوى من التربية لهؤلاء المراهقين، حتى
يتاح لهم ظروف مثالية للحياة
و التنشئة السليمة المتأسسه على قواعد العلم والتربية، ومن أجل ذلك ولأهمية المراهقين باعتبارهم شباب المستقبل وقادة
مجتمعاتهم نحو الأفضل، فقد اهتم الكثير من علماء النفس بدراسة خصائص الطفل النفسية
التي تشكل شخصية وطبيعة هذا الطفل وتظل بعض من تلك الخصائص ملازمة للطفل طوال
حياته ولذا يتركز الاهتمام بدراسة مراحل التطور النفسي، التي يمر بها الطفل أو ما
يطلق عليه علم نفس الطفل والذي يستهدف كشف العديد من المعلومات عن المؤثرات التي
تؤثر في نفسية الطفل و كيفية التفاعل النفسي للطفل مع تلك المتغيرات التي تحيط به
بهدف الحصول على فهم أفضل لطبيعته ونفسيته، بهدف العمل على تكوين أطفال ذوي شخصيات
متميزة يمكنهم أن يكونوا مواطنين صالحين في المستقبل نافعين لأنفسهم و لأوطانهم .
إن شريحة المراهقين قابله للعطب كما الكبار
وممكن ان يكونوا بحالة ضعف, لكن لديهم مهارات جيدة للتعامل مع المواقف الصعبة،
شريطة أن يتم دعمها من الكبار بشكل كاف. يمكن أن تكون ردود الفعل على الأحداث
المؤلمة كثيره، خاصة في الأيام الأولى.
التخفيف من المؤانسة الاجتماعية وإطالة القيود وتوسيعها هو النهج
المتبع بقوة أكبر من أي وقت مضى، للحد من الإصابات بفيروس كورونا. إنها قاعدة تثقل
كاهل الجميع، خاصة بين فئة المراهقين المتعطشة للصداقات واللقاءات، وكأن الأمر
متروك للبالغين لاحترام هذه الأيام غير العادية والفوضوية. لقد وضعنا الفيروس
التاجي جميعا في حالة من القلق الدائم والخوف، والجو المشحون الذي نتنفسه على
وسائل التواصل الاجتماعي وهو وضع سريالي وممل.
القرارات المعقدة التي يحتاجها الإنسان للعيش كأزمة كورونا وهي ما
تعبر عن تطور الإنسان من الطفولة والتلقائية إلى النضج الانفعالي و النفسي والذي
يعبر عن قمة التطور للفرد البشري من خلال تفاعل كافة معطيات حياته من العناصر
الوراثية وما يكتسبه من البيئة المحيطة به لتشكيل قيمه في الحياة وخبراته و
مفاهيمه التي تتحكم في طبيعة ونوعية الحياة التي يعيشها الفرد. إن كيفية التصرف
عامة ما تعكس نضج الشخصية والصحة النفسية للمراهق.
تغيير في نمط الحياة وصور مختلفة من الخوف
من الآثار الرئيسية لحالات الطوارئ بشكل عام وحالات الطوارئ الوبائية
على وجه الخصوص، هو "كسر الروابط الاجتماعية" وانقطاع
"طبيعية" الإيقاعات التواصلية الاجتماعية والعلائقية والتي تشكل حياتنا
اليومية. التأثير الأكبر هو أننا مطالبون بتغيير جذري
بنمط الحياة اليومية، حيث يطلب منا بشكل متناقض ألا نفعل المزيد من الأشياء، كما
اعتادنا المجتمع الحديث على القيام بذلك، مما يولد ما يسمى "الإجهاد"
لأشياء كثيرة وأوضح أنه "يجب أن لا تفعل" "عليك البقاء في المنزل".
تأتي حالات "الطوارئ" ، كحدث يحدث
فجأة، فيقتحم حياة الناس، ويخل بالتوازن النفسي السابق ويؤدي لحالة من اليقظة
والارتباك، مع ردود الفعل الحادة ذات الصلة وأعراض القلق. عندما يطرأ حدث مهدد, فتنشأ لدينا حالة من العاطفة
الشديدة، التي تؤثر علينا كأفراد وكمجتمع.
أما الناس الذين هم ضحايا مباشرون للحدث الصادم, فتخضع لتغيير في البنية العقلية
والعاطفية ويدخلوا بحالة من "الإنذار المستمر"، مما يقلل من شعور الأمان
المعتاد. لمن المهم التنبه اليه هنا، أنه لا توجد طريقة صحيحة أو خاطئة للشعور
بالألم والقلق أو التعبير عنه. في لحظات الخطر وبهذه الظروف التي نعيشها، يحتاج
المراهقين اللجوء إلى الشخصيات المرجعية
بحياتهم، ولكن عندما تكون هذه هي أيضا عرضة لنفس الحدث، قد يفقد المراهقون الشعور
بالأمان مع أشخاص هؤلاء الاشخاص التي تمنحهم الاطمئنان. من المهم جدا أن يجد الكبار
لأنفسهم مساحة لمساعدة نفسية، للتعامل مع ردود فعل الإجهاد العادية لديهم، حتى
يتسنى لهم العمل الجيد لاحتواء المراهقين بهدف إعادة الشعور بالأمان العاطفي لهم.
عندما يتعرض المراهقين لحدث درامي، يعبر المراهقون عن مشاعرهم بشكل مختلف عن
البالغين وبطرق مختلفة كذلك بينهم، والتي تتعلق بالعمر ومرحلة التطور. يعاني
المراهقون قليلا في كل مرة، أي لا تبقى لديهم نفس الحدة بالعاطفة لفترات طويلة.
يمكن أن تظهر ردود فعل عاطفية حادة ومن ثم العودة لما كان عليه، وهكذا المزيد من
السلوك المتقطع. على سبيل المثال، قد يكون لديهم نوبات بكاء شديدة أو يبدو عليهم
الغضب وبعد ذلك بوقت قصير يظهروا انهم غير متفاعلين بما يحدث لدرجة لا مبالاة. يرى
الوالد أن المراهق "يلعب كما كان وكأنه مر كل شيء" لكن بكثير من
الأحيان، يمكن للمراهق الانسجام بلعبة بالكامل، وبوقت لاحق تفتح لديه نوافذ أخرى
من الألم أو التوتر النفسي (مخاوف مفاجئة، كوابيس وما إلى ذلك).
بحالات الطوارئ المطولة والعزلة الشديدة، يتجلى الإجهاد غالبا بشكل غضب وتهيج ويمكن
توجيهه إلى الأشخاص الأقرب إليهم (الآباء والأصدقاء). كما يمكنهم تجربة العديد من
الحالات الشعورية: الحزن والذنب والغضب والخوف
والارتباك والقلق. فتتطور لديهم تفاعلات جسدية والتي تبدي القلق، مثل الصداع وآلام
البطن، أو أن يمرضوا بشكل متكرر. لمن الطبيعي ان يكون هناك اختلافات فردية بينهم
واضحة بظهورها، بمدتها وشدتها. عملية التفصيل هنا تكون غير موضوعية: إنها ممكنة
أنه عند بعض المراهقين يظهر فقط احدها من ردود الفعل هذه، بينما يظهر في حالات
أخرى مختلفة ربما في وقت واحد أو على مدار يوم أو على مدى فترة أطول. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كذلك أن اضطراب
البيئات يمكن أن يولد ارتباك وصعوبة في اتباع التوجيهات. يجب طمأنة وشرح المطلوب
منهم وأن ذلك مفيد، وان اعتماد هذه السلوكيات، هي لحماية أنفسهم استنادا لتوصيات
اختارها الخبراء. خذ بعين الاعتبار أن الغضب هو
شعور طبيعي وصحي ومن الممكن التعبير عنه بطريقة مقبولة. لا ننسى الشعور بالملل
ويمكن رؤيته انه موجه تجاه العياء من وجوب الحفاظ على إيقاعات مختلفة، غير
المألوفة للأنشطة المدرسية عن بعد مثلا، من تعليم وفعاليات أخرى.
إن حالة الطوارئ الناجمة عن جائحة كورونا بالتأكيد تضع عبئا على صحتنا النفسية. فتزداد المخاوف والشكوك مع التحديث
اليومي للبيانات حول العدوى وفتك الفيروس بالناس واقترابه إلى الأماكن التي نعيش
فيها. ومع ذلك ، فإن الوعي بالتأثير المدمر الذي يمكن أن يحدثه التواصل غير
المستجيب والناقص في الجوانب النفسية على المجتمع يزداد ببطء وقوة. تفاقمت المخاوف
والشكوك بعد المؤشرات الإضافية الضرورية التي عممت من الوزارات، غيّر بشكل كبير
عاداتنا اليومية، مما حد من تحركاتنا وأنشطتنا إلى الحد الأدنى من أجل احتواء
الوباء. نحن نواجه حالة طوارئ عالمية التي أولدت ردود فعل نفسية فردية وجماعية. إذن فقط الالتزام من خلال
المعلومات والاستجابة المسؤولة، يمكن معالجة مخاوف وشكوك المجتمع بأكمله، وتجنب
تحولها إلى سلوكيات لا يمكن السيطرة عليها على ما يبدو، والتي يمكن أن تصبح خطرة
أثناء الوباء، مثل ممانعة انضمامنا للحجر العام بأساليب الاتصال. "الوضع
النفسي ليس سهلاً" و "تعليق الحياة الطبيعية" كذلك.
بالإضافة إلى الاستجابات الجماعية، هناك أيضا استجابات فردية تختلف
وفقا لموارد وسياق كل منها، والتي بدورها تقوم بتعديل مستويات القلق والخوف. كما
قيل "العقل السليم في الجسم السليم" فالمتوقع ان يجيد المراهق رد فعله،
لكن علينا التنبه للأشخاص مع صعوبات نفسية او جسدية، من اضطرابات بالشخصية او
امراض او إعاقات ، فقد يصبح من الصعب للغاية لديهم إدارة الموقف بين المخاوف
اليومية وعدم اليقين، فهنا على مقدم الرعاية أن يتجند ويتنبه اكثر، وان يحسن
التعامل ويدفئ حاويته النفسية، لتكن دفيئة مناسبه تتوافق وحاجة المراهق النفسية
والجسدية.
تعزيز الصحة النفسية والرفاهية في الفئة المتأثرة
من الطبيعي أن يشعر المراهق بالحزن أو الكرب أو القلق أو الارتباك أو
الخوف أو الغضب أثناء الأزمة. من المهم التحدث إلى أشخاص موثوق بهم والتواصل
الدائم بالأصدقاء والعائلة. عندما يكون من الضروري البقاء في المنزل، من المهم الحفاظ على نمط
حياة صحي، بما في ذلك نظام غذائي ملائم، والنوم المنتظم، وممارسة الرياضة والتواصل
مع الأحبة. بحالة الاحساس بعدم القدرة
والوسع، من المنصوح ان ارجع
إلى اختصاصي الرعاية الصحية أو الطبيب النفسي أو أي شخص موثوق به عندما يسود
الشعور بالإرهاق ونفاذ الطاقة. استشر مصادر موثوقة فقط للحصول على معلومات عن المخاطر وكيفية أخذ
الحيطة. من المفضل دائما تقليل الوقت المنقضي، بمتابعة التغطية الإعلامية للوباء.
أيها الوالد أظهر للمراهق موقفا من التوافر والقرب والاستعداد النفسي
والمادي، من خلال التحدث معه بصوت مطمئن. دع المراهق يعرف أن الشعور بالانزعاج أو
الخوف أو القلق وضعا طبيعيا. اشرح له ان كل المشاعر هي طبيعية وهي من مؤشرات الصحة
النفسية بهذا الظرف. لا تنكر عليهم مشاعرهم، اشرح لهم أنه من الطبيعي أن يكون لدى
البالغين أيضا ردود الفعل الشعورية، بعد هذا الحدث غير المتوقع وأن جميع ردود
الفعل طبيعية ويمكن التحكم فيها. ليس التعبير عن العواطف هو الذي يخلق الانزعاج،
ولكن قمعها. بهذه الطريقة سيكون لدى المراهقين نموذج ومرجع، وسوف يتعلمون أنه يمكنهم
الثقة بك, ويمكنهم عرض حالاتهم العاطفية عليك، خاصة عندما تتقبل ولا تحكم ولا
تستهزئ.
دع المراهقين يتحدثون عن مشاعرهم وطمأنتهم وأنه حتى لو كان الأمر كله قبيح،
نعم يمكنهم مواجهة الأشياء. وان هكذا سيجعل الأمر أسهل بالنسبة لك. عليكم مراقبة
المزاج الذي هم فيه ومساعدتهم بشكل أكثر ملاءمة. إذا كان الطفل يعاني من الغضب،
فإن التعبير عن أسباب الغضب بالكلمات، يمكن أن يساعده للحصول على مزيد من التحكم
عن طريق التعبير عنه وتعلم تنظيمه "هل أنت غاضب؟ أنت تعرف أن أمك كذلك غاضبة
جدا؟" إذا شعر الطفل بالذنب، فمن المهم طمأنته بأنه ليس المسؤول عن ذلك ولا
عن ذلك الاسباب, بل هي غرابة الأحداث والاشياء".
لا تستخدم عبارات مثل: "لا تفكر في ذلك"، "أعرف
كيف تشعر"، "كان يمكن أن يكون أسوأ" "ستكون أقوى بفضل
ذلك" هذه التعبيرات التي نستخدمها جميعًا لطمأنتهم، أنها يمكن أن تعوق دون
اظهار المشاعر والتجارب المؤلمة الناتجة عن الكارثة. لا تتصرف كما لو لم يحدث شيء
وأن شيئا لم يكن.
العودة إلى الروتين مهم لأنه مطمئن. من الأفضل عدم تقديم الكثير من الهدايا أو
الأنشطة الإضافية المبالغة، والعودة إلى العادات السابقة إلى أي مدى يمكن أن يتم
ذلك بشكل طبيعي وصحي. حتى يحدث ذلك. من الضروري أن تطمئن وتحافظ على روتين الأسرة
بقدر الإمكان. لا تترك المراهقين وحدهم أمام التلفاز أو الراديو. اختر وقتا خلال
اليوم أو عشر دقائق، من ثم التوقف بعد ذلك وشرح ما سمع وشاهد. ركز الانتباه على
التفاصيل الأكثر مطمئنة (مثال الأطباء المتخصصين الذين يساعدون) ثم اعطي كل الوقت
اللازم ليسأل المراهق كل الأسئلة. إذا
كانت ردود الفعل شاذه ولم تلاحظ تحسنا، فمن المفيد الاتصال بالمهنيين المدربين،
الذين يمكنهم مساعدتك على التعامل بشكل أفضل مع ضغوط أبنائك.
ان علاقة الوالدين بالمراهق هي الضامن لتنشئة نفسية صحيّة وركيزة هامة
لتمكين المراهق من مواجهة الأزمة.
تجدر هنا الإشارة الى بعض النظريات والتي تضيء لنا
مسار العلاقة النفسية بين الابناء والوالدين، بدءا بالأم ولاحقا بالأب. نظرية التعلق
او الارتباط النفسي للمحلل النفسي بولبي، هي
نظرية تصف طبيعة العلاقات بين مقدم الرعاية والطفل، وتعتقد بأن الطفل بحاجة إلى تكوين
علاقة آمنة مع شخص واحد على الأقل من مقدمي الرعاية، لكي يحصل على النمو العاطفي والاجتماعي
بطريقة طبيعية. فهي تشرح كيف تؤثر علاقة الطفل بأبويه على نموه. حيث بينت شريحة المراهقين
المشردين والايتام من مشاكل سلوكية ونفسية كبيرة عقب الحرب العالمية الثانية، جراء
ابتعاد الوالدين الجسدي او النفسي عن ابنائهم وقت الأزمات. التعلق هو رابط أو وثاق
عاطفي بين الطفل والأم. يعتمد على حاجة الطفل إلى الأمن والأمان والحماية للطفل من
قبل الأم. وتحتل هذه الاحتياجات المكانة العليا بمراحل النمو المبكر والطفولة. وتفترض
النظرية أن الطفل يتعلق بمقدم الرعاية بصفة غريزية، حيث أن الهدف الجسدي البيولوجي
هو البقاء والاستمرار بالحياة والهدف النفسي هو الشعور بالأمان. يتعلق الطفل بأي مقدم رعاية دائم التواجد معه، والذي
يتميز برقة المشاعر وسرعة الاستجابة معه في المعاملات الاجتماعية، حيث أن نوعية الروابط
الاجتماعية تعد أكثر تأثيرا من كمية الوقت الذي يقضى فيها. اذن ينصح بإنشاء علاقة او
ارتباط آمن له صفة الديمومة وليس الارتباط القلق وله صفة التأرجح بين موجود ومنقطع.
على الوالدين التحلي بسلوكيات حميمية تضمن مشاركة الطفل في المعاملات الحياتية والاستجابة
لإشاراتهم بسهولة ويسر.
نرى تنشيطا بحالات الطوارئ لمنظومة التعلق السلوكي عند الأطفال والمراهقين، الذي يسببه الخوف عند الخطر، فيما
يشير القلق إلى الخوف من الانفصال عن الوالدين. حيث من الممكن ان يؤدي
لمشاعر القلق والخوف عند المراهقين متبوعا بالحزن واليأس. أو الاحساس بقلة الطاقة والإرهاق وصعوبة
التفاعلات الاجتماعية والميل إلى عزل الذات. اذن من الممكن ان نرى تعلقا بالوالدين بهذه الفترة وهو امرا طبيعيا او
سلوكيات عند المراهقين تستدعي الملاحظة. من الممكن ان يغضب المراهق على الوالدين
لأنهم وضعوه بهذا الحال، أي من أجلهم هو بحال سيء. أو إظهار مخاوف أو سلوكيات جديدة نموذجية لمراحل
النمو السابقة. كل
ذلك هو بمثابة دعوة لهم بأن يتنبهوا لهم ويحفظوهم بالرعاية الحميمية والاستجابة
السريعة والاستعداد لهم، من خلال تواصل حاضر وايجابي.
في هذه الأيام المكثفة والطويلة من المشاعر المتضاربة، أواجه نفسي مع المراهق الذي أقترب منه على الأريكة ومع أولئك الذين
قابلتهم في طريقي او الذين هاتفتهم من خلال عملي في مركز الخدمات النفسية. قمت بإجراء
"مقابلات" حول التجارب بهذه الفترة والتي تظهر بعض النقاط الموجزة التي
أشارت اليها الاستطلاعات مع المراهقين والتي من الممكن ان تطلعنا على جوانب من
ادراكهم وعالمهم النفسي والشعوري بزمن أزمة كورونا. حيث تبين انهم عاشوا فترة سارة ببداية الحجر, فقد كانت
بمثابة هدية كبيرة, لكنها وبعد مدة اسبوعين واكثر اصبح يظللها ويخيم عليها الملل
ولم تعد بعد عطاءا محمودا. فإن الملل كان الأصعب على النفوس بهذه الفترة بسبب
الانغلاق القسري, مما ادى الى رد فعل غاضب.
آدم 20 سنة
"كنت اتعلم اللغة الالمانية في مدينة مينز في المانيا"
"سمعت عن الوباء ما اهتميتش بتاتا"
"بعد ما مرق كثير وقت وصار اغلاق، فكرت اروح على بلادي"
"ما فكرت اني امرض لأني شاب ومش خطر علينا، عشان هيك ما اهتميت,
خاصة اني قرأت وبعرف"
"اكثر اشي كان صعب علي هو الحجر، تقريبا انجنيت "
"انك ما تغدر تعمل ايش بدك وتطلع وين بدك بجنن"
خالد 19 سنة
"اول ما اسمعت فكرت انه بعيد عنا"
"بعد ما صار بالبلاد صرت ادور على معلومات، المعلومات كانت قليلة
بالبداية، قسم منها بطمن وقسم بشوش"
"كنت اشتغل بمصنع، لما وقفونا عن الشغل تضايقت، وفكرت انه الامر
اكثر خطورة بسبب استهتار الدولة"
"اخذت دائما الوقاية، بس بعرف انه خطر على الشباب اقل"
" الحجر صعب، بطفر، ملل، بيأس"
"بفكر كيف اقضي وقتي"
جورج 17 سنة، طالب بصف الحادي عشر
"ما خفتش شيلي، فكرت هبل"
"لما انطلب نبقى في البيت، صعب كثير، زهق"
"صرت اتفشش بغيري"
"قريت عن الفيروس وباخذ حذري ووقاية وخلص"
"التعليم عن بعد حسيت منيح انه عوضونا بنص المادة وخاصة انه عنا
بجاريت، وانه المعلمين مهتمين فينا"
مراد 15 سنة طالب بصف التاسع
"اول اسبوعين كان حلو، معي وقت اعمل شو بدي"
"كان رد فرح وسرور بالحجر الصحي, بغدر اعمل ايش بدي"
"كنت اطفر وبدي اطلع بس العيله كانوا يقولوا فترة وبتمرق
واهدا"
"مرات صاحب يتصل وانه بده يطلع وانا اقول له بس وقت وبتخلص بلاش
ننعدي او نعدي غيرنا واهديه"
"كان قلق على حالي واهل بيتي"
ليلى 14 سنة طالبة بالإعدادية
" انا ما حسيت زي غيري، الأغلب ما اهتمش، اخذ الاشي باستهتار،
انا اهتميت انه اعمل الوقاية كلها، خوف متوسط، بس انتبهت اكثر"
"ما خفت لا على حالي ولا على عيلتي، لأنه منتبهين"
"بالبداية كنا نمزح كثير, زي مرة شفنا صيني وصرنا نقول بعدوا
كورونا"
"بعدين لما صرت اسمع صار عنا هون، صار توتر اكثر، وبطل الباقي
بعقليته انه مش رح يصلني"
"حلو انه كان عندي وقت كثير لحالي"
"كنت اتصل بصديقاتي كثير وبعدين اقل"
"كنت ازهق، بس التعليم عن بعد سلانا شوي وعبّالي وقتي"
ننتهي بالقول أن لدعم الوالدين له الحصة الكبيرة لصيانة نفس المراهق وله تأثيرا ايجابيا على نفس المراهق وخاصة الاحتواء بان يستوعبوا
مشاعره وسلوكه. من ثم نقله لمرحلة التعاون وعدم التهور. كما للأصدقاء دور مكمل جيد
باحتواء ردود بعضهم البعض وبتشجيعهم على الانضباط والتعاون المجدي. انتهاءا، ان
للمعلومة وقع جيد ويعيد السيطرة للمراهق. فالمعلومة المهمة, هي المعلومة المطمئنة
والتي تفيد بكيف نتصرف ونوقي انفسنا، كذلك التي تفيد عن ماهية هذا الفيروس وطرق
مواجهته. لنقم بدورنا ونذكر "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".
د. محمود صبحي سعيد – إختصاصي نفسي
متخصص بعلم النفس: العلاجي والتربوي والصدمي
مدير مركز الخدمات النفسية اكسال