العواقب النفسية العصبية على الأطفال
د. محمود سعيد
الأطفال معرضون للخطر بشكل خاص. منذ الولادة وحتى مرحلة البلوغ المبكر،
يكتسب الدماغ المعلومات والخبرات من البيئة لتحسين وظائفه، واختيار الروابط التي
يجب الحفاظ عليها وتقويتها، وتلك التي يجب إضعافها وإزالتها. في مثل هذه اللحظة
الدقيقة لإعادة التشكيل مثل مرحلة الطفولة المبكرة، يكون الدماغ حساسًا للغاية
للمحفزات التي يتلقاها، وعلى الرغم من أن هذا يمنح الأطفال مرونة لا تصدق ومهارات
التعافي، إلا أنه في بعض الأحيان يمكن أن تظل آثار الصدمة، فان صدمة الطفولة تزيد
من احتمالية حدوث العديد من المشكلات الصحية العقلية والجسدية في مرحلة البلوغ مثل
الاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، والألم المزمن-chronic pain، واضطراب القلق العام-generalized anxiety disorder، واضطراب
قلق الانفصال-separation
anxiety disorder،
والاضطرابات الانفصامية-dissociative disorders،
وتعاطي الكحول والمواد المخدرة-alcohol and substance abuse.
حتى لو لم يكن الطفل قد عاش أعمال عنف نتيجة الحرب، فإن فقدان الموارد
الأساسية، والانفصال عن أحد الوالدين والبعد عن المنزل، أو تقليل أو تغيير رعاية
الوالدين بسبب خوف الوالدين والصدمات النفسية، يمكن أن يسبب مشاعر الألم والقلق
لدى الأطفال، مما يؤدي إلى مضاعفات ونتائج سلبية إذا استمرت هذه الحالة، ويمكن أن
تسبب اختلالات في نظام الكاتيكولامينات-catecholamine system (إطلاق وتوزيع الأدرينالين- adrenaline والنورإبينفرين- norepinephrine
والدوبامين-dopamine) مما يغير
نمو الدماغ الطبيعي، واختلالات في محور HPA،
الذي يكون الأطفال حساسين للغاية له في السنوات الخمس الأولى من الحياة، مما يزيد
من إمكانية ظهور الأمراض المذكورة أعلاه. كل ذلك من خسارة تنتج عن العيش بظروف حياة غير مستحيلة، فما بالك بظروف
الحرب المنهكة والمجهدة والموترة والمهددة لفترة طويلة.
يمكن للوالدين حماية أطفالهم من الصدمات إلى حد ما، ولكن نطاق العمل محدود.
على الرغم من الحب والالتزام، فإن الرعاية الأبوية والإشارات التعبيرية من أحد
الوالدين الخائفين والمتوترين يمكن أن يكون لها تأثير على الأطفال. ويمكن أيضًا أن
تنتقل الصدمة من الآباء إلى أطفالهم، من خلال تغييرات طفيفة ولكن وراثية في بنية
الجينات والتي غالبًا ما تنطوي على تغيير في أنظمة الاستجابة ورد الفعل للأحداث
المجهدة. وبهذه الطريقة، يمكن أن تنتقل المعاناة لأجيال وأجيال.
موقع الجليل للخدمات النفسية
د. محمود صبحي سعيد
متخصص بعلم النفس التربوي والعيادي والصدمي
للطباعة أدخل للرابط التالي: