كيف يكون الرد أمام تهديد شديد، عندما لا نملك الرد؟
د. محمود سعيد
عندما يواجه شخص ما حدثًا مؤلمًا يعتبره أمرًا لا مفر منه (غير محتمل وغير مفهوم للعقل)، يمكن أن تلعب عملية دفاع متطرفة هنا دورًا كالانفصال-dissociation، الذي يحمي الفرد ونفسيته. يمكن اعتبار الانفصال بمثابة شبكة أمان من الواقع، باعتباره الأنا النفسية المتغيرة لظاهرة التكيف التي ينفذها الدماغ كملاذ أخير. عندما يكون الخطر لا مفر منه وتفقد السيطرة، فضلا عن إمكانيات الهروب والسلامة، يدخل الدماغ في حالة من فرط الاستجابة للمحفزات، الخارجية والداخلية على حد سواء: تقوم قشرة الفص الجبهي mPFC بحظر هياكل الاستجابة للتهديد؛ فيتم تثبيط اللوزة الدماغية، والجهاز الحوفي، وPAG، كما هو الحال في القشرة المعزولة، حيث توجد تمثيلات محفزات استقبال التحفيز والشعور بالانتماء إلى جسد الفرد. يدخل الفرد في حالة من الخمول الإدراكي والحركي والعاطفي، وغالبًا ما يصاحبها شعور بتبدد الشخصية والتفكك-disintegration. يمكن أن تصبح هذه الاستجابة غير قادرة على التكيف: خاصة في حالات الصدمات المتكررة، يمكن أن يتكرر التنظيم الزائد للأنظمة العاطفية بواسطة قشرة الفص الجبهي بشكل حاد بالارتباط مع بعض المحفزات أو يصبح مزمنًا في الحياة اليومية، ولهذا السبب يمكن للأفراد تجربة التسطيح العاطفي بعد الصدمة. مما يمنع أيضًا ظهور المشاعر الإيجابية. استنادا لذلك، يمكن تقسيم الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة إلى فئتين رئيسيتين بناءً على وجود أو عدم وجود عنصر انفصالي، وهناك العديد من اضطرابات الانفصال التي تظهر بعد صدمة الطفولة. علاوة على ذلك، تسمح الحالة الانفصالية للذكريات والعواطف والأحاسيس بالتصفية، مما يؤدي إلى ما يسمى في علم النفس بإكراه التكرار أو التكرار القسري repetition compulsion. بمعنى آخر، يقدم العقل دائمًا نفس المشهد في حلقة لا نهائية، محاولًا العثور على تفسير، لفهم ما تم تجربته أو ما زال يختبره.
Van der Hart, O., & Horst, R. (1989). The dissociation theory of
Pierre Janet. Journal of traumatic stress, 2(4),
397-412
موقع الجليل للخدمات النفسية
د. محمود صبحي سعيد
متخصص بعلم النفس التربوي والعيادي والصدمي
للطباعة أدخل للرابط التالي:
https://algaleel.com/pics/240827215126.pdf