"مرونة" Resilience
تأتي
كلمةُ resilience - resilient "مرونة" من الكلمةِ اللاتينية
"resilire” والتي
تعني حرفيًا "الرجوعُ للخلف". إنّه مصطلحٌ جديدٌ مستعارٌ من الفيزياء.
المرونةُ في علم النفس على الصعيدِ الفردي: هي مفهومٌ يشيرُ إلى القدرةِ على التعاملِ بإيجابيةِ مع الأحداثِ الصادمة، وإعادةِ تنظيمِ حياةِ المرءِ بشكلٍ إيجابي في مواجهةِ الصعوبات، وإعادةِ بناءِ نفسِهِ مع البقاءِ حساسًا للفرصِ الإيجابيةِ التي توفرُها الحياة، دون تشويهِ هويته. الأشخاصُ المرنون هم أولئك الذين ينغمسونَ في ظروفٍ صعبةٍ ومعاكسةٍ ويديرونَ شؤونَهم جيدًا، على الرغم من كلِّ شيءٍ وبرغم كلِّ الصعاب، يتعاملون بفعالية مع النكسات، وإعطاءِ دفعةٍ جديدةٍ لوجودهم ويتمكنون حتى من تحقيق أهدافهم. Stretchy Elastic, Resilient ,
تاريخ
المرونة أو الصمود
ظهر
مفهومُ المرونةِ النفسيةِ من قبل الاختصاصي النفسي الأمريكي جاك بلوك Jack Block من خلال دراسةٍ طويلةِ
المدى على الأطفالِ بضائقة.
كما
أسهم الطبيب نورمان جارميزي من خلال دراسات عن آثارِ الإجهادِ أو الصدمةِ النفسيةِ
في مرحلة النمو والطفولةِ المبكرة.
من
ثم الاختصاصي النفسي جلين إلدر، حيث قدَّمَ هذا المفهومَ في المجال التربوي. له
كتابُ "أطفالُ الكسادِ العظيم" لقد صوَّرَ الأطفالَ كممثلينَ قادرينَ
على تشكيلِ حياتهم الخاصة، وهم ليسوا كائنات سلبية بحتة.
كذلك
بوريس سيرولنيك في كتابه The Wonderful Pain- Boris Cyrulnik تناولَ مفهوم المرونة
النفسية، حيث أجرى دراسةً منهجيةً لسلسلةٍ متنوعةٍ للغايةِ من حالات الأطفالِ
الذين تعرضوا لصدماتٍ شديدةِ العنف (أطفالُ في دور الأيتام، الأطفالُ السجناء،
الأطفالُ المشوهون في الحرب، الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي). لقد رأى أنَّ
الأطفالَ يتمتعون بالقدرةِ على مقاومةِ الصدماتِ، والعثورِ بشكلٍ مستقلٍ على
المواردِ النفسيةِ للتفاعل، وبالتالي تكوينَ شخصيةٍ صحيّةٍ، على الرغم ممّا تعرضوا
له من أذىً، من خلالِ المرونةِ النفسية.
المرونةُ
الكافيةُ هي نتاجُ تكاملِ العناصرِ التالية:
1.
غريزي: سمةٌ من سماتِ السنوات الأولى من الحياة، عندما تهيمنُ على العملياتِ
العقليةِ الأنانيةِ والشعورِ بالقدرةِ المطلقة.
2.
عاطفي: يعكسُ النضجَ العاطفي، والشعورَ بالقيم، والشعورَ بالذات.
3.
التنشئةُ الاجتماعيةُ السليمةُ التي تبثُّ ثقةً وقدرة.
4.
الإدراكي: عندما يتمكَّنُ الشخصُ من استخدامِ القدراتِ الفكريةِ الرمزيةِ
والعقلانية.
المجتمعاتُ المرنة - Resilient communities : and group resilienceSocial
المرونةُ
الاجتماعيةُ والجماعيةُ هي مفهومُ المرونةِ لدى المجموعة. عندما تشكلُ مجموعةٌ أو بناءٌ
اجتماعيٌّ أو أمةٌ هياكلَ تماسكٍ وانتماءٍ وهويةٍ وتحدٍّ للبقاء كجماعة، كذلك مدى
قدرتِهَا على تطويرِ طُرقٍ للتعاملِ مع أحداثٍ ومواقفَ التعرضِ للخطرِ كمجموعة
وهوية، ومدى تشكيلِ مبادئَ توجيهيةً تسمحُ لها بالبقاءِ والتوسعِ والتأثيرِ الإيجابي
المجتمعي.
أوسكار
شابيتال كولشادوتناول (2013) تناولَ مفهومَ المرونةِ بأنَّ هذا المفهومَ
يؤكدُ نفسَه. عندما نحللُ السياقاتِ الاجتماعيةِ بعد الكوارثِ الطبيعيةِ أو من صنعِ
الإنسانِ كالحروب؛ نجد أنَّ هناك مجتمعاتٌ تنهارُ اقتصاديًا واجتماعيًا وتتوقفُ عن
التطور؛ نتيجةَ الصدمةِ التي شكلتها الكارثة، وتبقى في حالةِ عدمِ استقرارٍ مستمر،
وأخرى -على العكس من ذلك- تبقى صامدةٌ بفعلِ الصدمة بالضبط، حيث انطلاقًا من تحدٍّ
يجدونَ القوةَ والمواردَ اللازمةِ لمرحلةٍ جديدةٍ من النمو والتأكيدِ على بقائهم. لذلك،
فإنَّ المرونةَ هي أيضًا مفهومٌ اجتماعيٌ ونفسي.
نختم
بالقول إنَّ عواملَ الهويةِ، والتماسكِ الاجتماعي، ومجتمعِ الهدفِ، والقيمِ الأساس،
هي التي تُشكِّلُ "المجتمع المرن".
Cyrulnik,
B. (2009). Resilience: How your inner strength can set you free from
the past. Penguin UK.
للطباعة أدخل للرابط التالي:
https://algaleel.com/pics/240513232916.pdf
د.
محمود صبحي سعيد
متخصص
بعلم النفس التربوي والعلاجي والصدمي
موقع
الجليل للخدمات النفسية